كان كانوت الابن الثاني للملك سوين فوركبيرد وزوجته الأولى التيكانت ابنة الأميرالبولندي مييشكو الأول ، وكان قد ولد حوالي العام 995، وعند موت أبيه عام 1014 أرغم على ترك إنجلترا بسبب تمرد عام من الانكلوسكسونيين، وفي نوبة غضب (فلم تعرف عنه القسوة في العادة) ترك رهائنه بعد أن قطع أيديهم وآذانهم وأنوفهم.
إعداده لغزو إنكلترا
في السنة التالية، 1015، عاد مع أسطول عظيم وجهزه بحشد مختار، فلم يكن بينهم عبد أو معتق. نجح بشكلسريع في إخضاع كل إنجلترا ماعدا لندن، التي أصبحت عندها المأوى الأخير للملك إثيلريد أونريدي وابنه البطل إدموند أيرونسايد . وعند موت إثيلريد ( 23 1016 ) انتخب كانوت ملكا من قبل جمعية البارزين في ساوثهامبتون ؛ لكن لندن تعلقت بإخلاص إلى إدموند، الذي نجح أكثر من مرة بتحريض المقاطعات الغربية ضد كانوت. وفي الحقيقة أظهر إدموند نفسه بأنه القائد الأفضل بين الإثنين، وكان من الممكن أن ينتصر بلا شك لولا خيانة إيرلاته. كان هذا بشكل خاص الحالة في معركة أساندون (أشينغدون). الكبيرة التي هرب فيها الإيرل إيدرك فتحول ما كان يمكن أن يكون نصرا أنجلوسكسونيا إلى هزيمة ساحقة. على الرغم من هذا، كان الخصمان أندادا لبعضهما بشكل متساو بحيث خاف كلهما بأن حربا طويلة ستأتي تجعلالأرض خرابا، فرتبا مؤتمرا بين كانوت وإدموند على جزيرة في نهر سيفرن ، وعندما وافقا على تقسيم إنجلترا بينهم، احتفظ كانوت مرسيا بمرسيا والشمال، بينما شملت أرض إدموند انكليا الشرقية و وسكس مع لندن .
ملك إنكلترا
عند موت إدموند، بعد شهور قليلة ( 1016)، انتخب كانوت ملكا بالإجماع على كل إنجلترا في بداية العام 1017. وأظهر الملك الشاب نفسه بأنه ند لمسؤولياته. وبذل أقصى ما يمكنه لاستحقاق ثقة رعاياه الأنجلوسكسون، والسنوات الثمان عشرة من عهده كانت لها منفعة كبيرة على بلاده الأخرى. وربط نفسه بالتاريخ القديم لإنجلترا وسلالتها الحاكمة المحلية بزواجه من إيما النورماندي إيما أو ألغيفو، ليعطيها اسمها السكسوني (دعاها الشماليون ألفيفا)، التي جاءت من نورماندي بناء على دعوته، حيث تنكر كانوت زوجته الأولى، التي تدعى أيضا إلغيفو، وهي ابنة إلفهام إيرل ديرا، التي أبعدت إلى الدنمارك مع أبنائها. في عام 1018 ورث كانوت العرش الدانماركي بعد أن مات أخوه الأكبر هارولد بدون وريث.
وقد سحب أغلب جيشه من إنجلترا، لكي يحافظ بقدر المستطاع على مشاعر الانكلوسكسونيين. لنفس السبب قام سابقا بتفريق كل سفنه الحربية إلا أربعين. وعند عودته من الدنمارك قام بخطوةأخرى على نحو إضافي. في رسالةمهمة، موجهة إلى الأساقفة، والإيرلات والناس، أعلن عن نيته بأن يحكم الإنجليز إنجلترا، وأيّد قوانين الملك إدغار، في نفس الوقت هدد بثأره من كل أولئك الذين لم يحكموا باستقامة أو الذين يتركون الأشرار طليقين. واللهجة في هذه الوثيقة، التي لم تكن مسيحية ولكنها كهنوتية، تظهر أنه عزم، لمصلحة القانون والنظام، على تكوين تحالف متين بحكمة مع رجالالدينالمحليين. كانتهناكمجموعة من مواطنيه والذين رفضوا التعاون معه فتم طردهم بسرعة. هكذا، في عام 1021، كان الإيرل ثوركيل العنيد قد أبعد عن البلاد، وأخذ مكانه نبيل أنجلوسكسوني هو غودوين إيرل وسكس غودوين الذي اشتهر بعد ذلك، حيث أصبح واحدا من مستشاري كانوت الرئيسيين.
شخصيته الإنسانية والتصالحية لحكومته تظهر أيضا في جهوده الجدية للتكفير عن حملات الدنماركيين الهمجية في الماضي. هكذا أعاد بناء كنيسة بوري سانت إدموندز لذكرى إدوارد الشهيد الملك القديس الذي مات هناك على يدي الفايكنغ، وتحت مراسم عظيمة نقل آثار سانت ألفيج من كنيسة سانت بول في لندن إلى مثوى أفضل في كانتربري.
ملك النرويج
عمله من الإصلاح والمصالحة تمت مقاطعته في عام 1026 بمحاولة أولاف هارالدسون ملك النرويج، بالاشتراك مع أنوند ياكوب ملك السويد، لغزو الدنمارك. وهزم كانوت الأسطول السويدي في ستانغبيرغ، وألحق أضرارا خطيرة جدا الأساطيل المشتركة في مصب نهر هيلغيا في شرق سكانيا، وفي عام 1028 كان قادرا على إخضاع الجزء الأعظم من النرويج بدون قذف نبلة أو التلويح بسيف. لكن الغزو لم يكن دائما، فالنرويجيون تمردوا في النهاية بنجاح ضد استبداد ألفيفا، التي أساءت حكم البلاد باسم ابنها الرضيع سفين.
حكمه في الدنمارك
نجح كانوت أيضا في تأمين سيادة الدنمارك على الشواطئ الجنوبية للبلطيق، في ويتلاند وساملاند وتشكلان الآن جزءا من ساحل بروسيا . تفاصيل حكم كانوت في الدنمارك لا نعرف إلا القليل. وكانتأكثر مؤسساته بروزا التينغليد Tinglid وهم منظمة أخوية عسكرية، يتكونون أصلا من 3000 في العدد، وهم مشكلون من أفراد العائلات الغنية والنبيلة، والذين لم يشكلوا طاقم الحرس الملكي فقط، ولكنهم رابطوا أيضا على الحصون ودافعوا عن الحدود. وكانوا خاضعين للانضباط الصارم الجسد في القواعد المكتوبة المسماة فيدرلوغ أو فيدرلاغ، وكانت النواة للمجلسالملكي.
يقال أن كانوت سعى أيضا لتأسيس الأديرة في الدنمارك، لكنه لم تتم المبالاة بنجاحه في هذه المهمة، وقد كان بالتأكيد أول ملك دانمركي يسك الأموال، بمساعدة عمال السك الأنجلوسكسون. مثل معاصره ستيفن الأول ملك المجر ستيفن الأول باني المجر، اعترف بشكل واضح بأن الكنيسة كانت العنصر الوحيد للتحضر في عالم الهمجية، واستسلامه إلى توجيهاتها هو برهان دامغ على فطنته. لكنه لم يكن استسلام كاملا. ففي عام 1027، عندما ذهب إلى روما مع رودولف الثالث دوق بورغوندي، ليحضر تتويج الإمبراطور كونراد الثاني ، وبنفس القدر ولمصلحة رعاياه أراد أن يحصل على الغفران بسبب الذنوب التي ارتكبها في شبابه. وقد أقنع البابا بإعادة الأجور الباهظة لمنح الغاليوم، التي وجد الأساقفة الإنجليز والدانمركيين أنها تمثل عبئا شديدا، واستبدل بعد ذلك بقيمةمتوسطة من أعطية تدعى قرش بطرس . وأقنع الإمبراطور أيضا وأمراء ألمان آخرين لمنح العبور الآمن لمواطنيه الذين يرغبون بالحج إلى روما.
مات كانوت في شافتسبوري في 12 1035 عن أربعين سنة، ودفن في كاتدرائية وينتشستر . وقد تم عزله عن الحياةالعامة قبل أن تكون عنده الفرصة لتطوير أغلب خططه العظيمة؛ رغم ذلك فقد عاش بما فيه الكفاية للحصول على لقب كانوت الغني (أو القوي)، والأجيال القادمة التي لم تزل تقدره أعطته لقب العظيم. وكان المزاج العصبيوالعنيف أبرز عيوبه، لكن طبيعة الفايكنغ العنيفة كانت تسيطر عليهبشكل تدريجي؛ وقد كان كانوت مسيحيا عن إيمان ومتدينا. تواضعه مصور بشكل رفيع في قصيدة نورماندية قديمة والتي تصف كيف أمر المد المتصاعد في نهر التايمز في ويست مينستر بأن يعود. والموعظة التي ألقاها على حاشيته في تلك المناسبة كانت لتهيئهم لرحلته اللاحقة إلى روما واستسلامه للكرسي البابوي. ومثل أبيه سفين، أحب كانوت الشعر، وكان الشعراء الأيسلنديون العظام مثل ثورار لوفتونغا وثورمود كولبرونارشيولد مرحبا بهم كزوار في بلاطه كالأساقفة المتعلمين.
كإداري فلم يفق كانوت براعة أحد إلا ألفريد العظيم . وكانت موهبته لإدراك العظمة كبيرة، ومقدرته المفيدة لمصالحة الأعداء. ولم يفرض أي ملك إنجليزي قبله الضرائب الباهظة التي فرضها، رغم ذلك كانت تدفع برضا مثل ما كان يحدث؛ لأن الناس شعروا بأن كل قرش من المال كان يستعمل لمنفعة البلاد. طبقا لقصة كنوتلينغا كان Knytlinga Saga الملك كانوت ضخم الأطراف وذا قوة كبيرة، وكان وسيما جدا، ومن دون ذكر أنفه الذي كان ضيقا وعاليا ومعقوفا؛ فقد كان شعره جميلا وطويلا، وعيناه ألمع وأكثر بريقا من عين أي رجل عاش.
الملك كانوت (كنوت)، المعروف بالعظيم (حوالي 995 ,985 - 12 1035 )، ملك إنجلترا (1016-1035) و الدنمارك (1018-1035) و النرويج (1028-1035) وأجزاء من السويد . اشتهر بمهارته السياسية والعسكرية مما وضعه في مصاف أعظم حكام أوروبا في العصور الوسطى.